تقييم المعلم هو اللغة المشتركة بين المدرسة والمعلمين و العامل الأول في تحسين جودة التدريس، إذ يصف الممارسات التعليمية الجيدة بوضوح، وتسفر نتائجه الدورية عن تصميم خطة تحسين فردية في جوانب الضعف لدى المعلم.
من الضروري أن يكون تقييم المعلم شامل لكل جوانب التدريس خاصة بالنسبة للمعلمين المبتدئين وسيئي الأداء، بحيث يستهدف رؤية الصورة بأبعادها الكاملة لأداء المعلم في الفصل، كما ينبغي ألا يكون تقييم المعلم مجرد مهمة روتينية ينبغي إنجازها في الموعد المحدد أو آلية لتوبيخه عندما يقصر، بل يجب ربط التقييم بنتائج الطلاب، بحيث يراعي المعلم في تدريسه النمو المعرفي للطلاب وليس فقط استيفاء معايير تقييم المعلمين النمطية.
في ظل سعي إدارة المدرسة من أجل التحسين المستمر لتقييم المعلمين في المدرسة وضمان أفضل أداء، يوصى بوضع هذه النصائح المفيدة موضع التطبيق.
جدول المحتويات:
سبع نصائح من أجل تحسين عملية تقييم المعلم ورفع كفاءته
1. حسّن كفاءة المعلم الذاتية
الكفاءة الذاتية للمعلم هي إيمان المعلم بقدرته على مساعدة الطلاب في تحقيق النمو التعليمي المرجو، أي أنها تمثل اقتناعًا شخصيا وثقة بداخله أنه قادر على أداء عمله بشكل صحيح.
تلعب الكفاءة الذاتية دورا مهما في تحسين تقييم المعلم وضمان أداءه الكفء، فالمعلم صاحب الكفاءة الذاتية العالية أكثر ثقة في أداء مهامه ووظيفته وأكثر قدرة على تحفيز الطلاب على الفهم وتقديم المساعدة لهم، ليس فقط الطلاب العاديين بل أيضا الذين يواجهون صعوبات دراسية كبيرة، لذلك يجب عليك العمل على تطوير الكفاءة الذاتية للمعلمين من خلال ما يلي:
مساعدة المعلم على خوض تجارب ناجحة في مهامه
تعزز التجارب الناجحة في العمل من ثقة المدرس في قدراته وإيمانه بكفائته في أداء العمل كما هو متوقع واستحقاق عدد جيد من نقاط تقييم المعلم، لذلك امنحه مهام يستطيع إنجازها بشكل جيد، ولا تكلفه بمهام شديدة الصعوبة خاصة إذا كان معلما جديدا، أما إذا واجه تحدٍ في التنفيذ ساعده ووجهه وامنحه الثقة بقدرته على تنفيذ المهمة بنجاح.
شجعه على المحاولة وتجاوز الخوف
شجع المعلم على عدم الخوف من التجربة وارتكاب الأخطاء، وإذا فشل في تنفيذ عمل ما، أخبره أن الفشل ليس جريمة بل هو أمر متجذر في الطبيعة الإنسانية، لا يحتاج إلا أن نحدد موضع الخطأ وأسباب الإخفاق وبالتالي نتعلم منه درسا في تطوير مهاراتنا وقدراتنا.
احرص على صحته الجسدية والنفسية
عندما يشعر المعلم باعتلال في صحته الجسدية أو النفسية -مثل الإجهاد والقلق والخوف- يصدر حكما على نفسه بتراجع قدرته على التدريس بكفاءة، لذلك من المهم رعاية صحة المعلم بعدة ممارسات، مثل الحفاظ على بيئة عمل آمنة من الصراعات، توفير مكتب نظيف ومرتب للمعلم ذو إضاءة كافية وتهوية جيدة وحمامات نظيفة، تشجيع المعلمين على ممارسة الرياضة معا، تنظيم أنشطة اجتماعية ترفيهية مثل الحفلات والرحلات، الحفاظ على ساحة المدرسة نظيفة وجميلة، والالتزام بالإنصاف والعدل والاتساق في تنفيذ القواعد واللوائح بين جميع المعلمين.
قد يهمك: ماذا لو كان المعلم هو الذي يشعر بالملل في الفصل الدراسي؟
2. اجعل البيئة المدرسية صحية
البيئة المدرسية هي حصيلة الثقافة والأجواء والظروف المحيطة أو ما يعرف بالمناخ العام للمدرسة، وهي لا تنفصل أبدا عن المعلمين، بل تنعكس في سلوكيات وشخصية كل مدرس في المدرسة، فمثلا قد تجعل البيئة المدرسية السيئة المعلم النشيط كسولا، وقد تحول البيئة المدرسية الصحية المعلم الكسول إلى معلم نشط، لذلك من الضروري أن يعمل المدير على توفير بيئة صحية جيدة وممتعة ومريحة للمعلمين من خلال هذه الممارسات:
ضع رؤية ورسالة وأهداف واضحة للمدرسة
يفهمها الكل ويشترك في تنفيذها، يدرك المعلمون منها ما هو متوقع منهم وما الذي ينبغي إنجازه وفعله بالضبط، ثم يبذلون قصارى جهدهم في تحقيق هذه الرؤية والرسالة والأهداف خلال فترة زمنية معينة محددة مسبقا، إذ يساعد الإطار الزمني الواضح في تتبع التقدم في تحقيقها وقياس مدى النجاح، كما يحمي تحول رؤية المدرسة إلى حلم لا يمكن تحقيقه.
أشرك المعلمين في اتخاذ القرارات
عند وضع استراتيجية المدرسة لتحقيق الأهداف، أشرك معك المعلمين في اتخاذ القرارات ذات الصلة بهم، بما في ذلك صياغة سياسات العمل، إذ تعزز هذه المشاركة من مسؤولية المعلم عن تنفيذ السياسة التي شارك في إعدادها بنفسه واتفق الجميع عليها.
ضع المعلم المناسب في المكان المناسب
لكي لا يشعر المدرس باستنزاف جهده وخبراته في غير محلها وبالتالي يتدهور الأداء وتتراجع نتائج تقييم المعلم، احرص على تنظيم المعلمين حسب تخصصاتهم، فمثلا لا تكلف معلم متخصص في تدريس الصفوف العليا بالعمل مع الصفوف الأدنى أو العكس.
ضع قيم الثقافة المدرسية
حدد القيم الثقافية والتعليمية التي ينبغي التمسك بها، كالأعراف والأخلاق والمعتقدات والمنظورات التي تربط فريق عمل المدرسة بكل مستوياته معا وتمنحه هوية مميزة، على سبيل المثال تقدير العمل الجاد، تقديم أفضل خدمة تعليمية، التمسك بالنجاح وغيرها من القيم التي يقدرها ويحترمها المعلمون.
3. زر الفصول بشكل منتظم
زيارات الفصول هي فرصة لتقديم ملاحظات على الأداء تركز على نموذج تقييم المعلم ومتطلبات النمو المهني، لذلك ينبغي على المدير أن يضع نظاما غير رسمي من التجول والملاحظة في الفصول، يقدم بناء على هذه الزيارات ملاحظات مخصصة لكل معلم على حدة بحيث تساعده وتسد فجوات المهارة أو الخبرة لديه.
لا يشترط أن يكون الهدف من كل زيارة تقييم المعلم من قبل المدير، بل إن أحد أهم أهداف تقييم المعلم هو بناء علاقة ثقة واحترام، حتى يصبح وجود المدير في الفصل لا يشكل عبئا، فيدخل الفصل دون أن يلفت انتباه الكل ويشعر المدرس في وجوده بالراحة.
يرتبط الشق الآخر لعلاقة الثقة والاحترام بين المدير والمعلمين بتبنيه سياسة الباب المفتوح، فيشجع المعلمين على الحديث عن المشاكل التي يواجهونها وعلى طلب المشورة في أي وقت، كما يستمع لهم بنشاط ويشجعهم ويقدم لهم نقدا بناءً واقتراحات في إطار من الحوار التفاعلي المستمر.
4. شجع المعلم على التطور المهني
التطور المهني هو أحد أهم المحفزات للمعلم إذ يمنحه أفكارا مبتكرة ويثري منظوره العلمي حتى بات ضرورة لجميع المعلمين، خاصة من لديهم فجوات في الكفاءة تحتاج إلى سد، من هذا المنطلق ينبغي على المدير إتاحة فرصة التطوير المهني للمدرس وتحديد نوع التطوير المهني الذي يحتاجه بناءً على تقييم المعلم، ثم تمكينه من ذلك بتخصيص الموارد المالية اللازمة للتدريب، بالإضافة إلى منحه الإذن عند تغيبه عن الفصل.
توجد دورات تدريبية للمعلمين تغطي أي جانب قصور لدى المعلم، إذ تقدم منصة أعناب -منصة التدريب الرقمي للمعلمين- عشرات الدورات التدريبية الشاملة للمعلمين في جميع التخصصات.
يستطيع المدير دعم التطوير المهني لدى المعلمين أيضا بتوفير مرشدين من المعلمين المخضرمين الآخرين في المدرسة الذين يرغبون في مشاركة النصائح وخلاصة الخبرات مع زملائهم.
دور المدير هنا أن يوفر جوا من الثقة والتشجيع ويتيح فرصة للتواصل بين أعضاء هيئة التدريس والتعاون والمشاركة مع بعضهم البعض، كما يمكنه اختيار المرشد المناسب للمعلم بناء على جوانب التوافق بين الشخصيتين، لتثمر تجربة الإرشاد دعما ومنفعة لكل من المرشد والمعلم.
5. قدم الموارد الكافية
يحتاج المعلم إلى الأدوات المناسبة لتقديم أفضل أداء، وعندما يضع المدير معايير تقييم أداء المعلمين، فعليه من الجهة الأخرى توفير الإمكانات وتيسير وصولهم إلى الموارد والأدوات التي يحتاجونها لكي يؤدوا أداء جيدا، كما ينبغي عليه الاستماع الجيد للمعلم عندما يطرح طلباته بالإضافة إلى إشراكه في عملية اتخاذ القرار ومعاملته كمحترف.
على الرغم من أن التمويل التعليمي وتوفير المخصصات المالية التي تغطي احتياجات المعلمين من الأدوات والمصادر هو أحد التحديات التي تواجه أي مدرسة، إلا أن عصر الإنترنت الذي نعيشه أتاح الكثير من أدوات التي تنفع المعلمين في عملهم.
لتحقيق الاستفادة الكاملة من الإنترنت كمورد، يتعين أولا تثقيف المعلمين حول كيفية استخدام الإنترنت وتقنياته الحديثة كمورد تعليمي في الفصل الدراسي، وهو ما يمكّن المعلم من سد فجوة نقص الموارد اعتمادًا على التقنيات الجديدة.
6. استخدم نهجا بناء في التوجيه
عندما ينتهي المدير من تقييم المعلم، يتعين عليه تحديد نقاط الضعف التي وجدها، ثم تقديم توجيهات مفصلة لتحسين الأداء، وفي حال كانت نقاط الضعف عديدة، فعليه أن يركز على نقاط الضعف الأكثر خطورة، ثم يتدرج في الحديث عن نقاط الضعف الأخرى، بعد أن يتحسن الأداء في ضوء التوجيهات الأقدم.
على أنه من المهم في هذا السياق أن يبني المدير نهجا بناء في التوجيه بعيدا عن الرسمية، فمثلا قد يطرح اقتراحاته في دردشة أثناء وقت الراحة، أو في حوار سريع بالفصل الدراسي بعد المدرسة، أو بإرسال ملاحظة صغيرة أو تقنية جديدة أو منهج معين على رسائل الجوال. وفي حال كان التوجيه يحمل خبرا سيئا للمعلم أو توجيهات دقيقة، فينبغي أن تُطرح في لقاء شخصي يراعي عدم الإضرار بالعلاقة بين الطرفين.
7. شجع على الالتزام بالأداء الكفء
الأداء الكفء للمعلمين لا يتحقق إلا إذا رافقه التزام المدرسين بأداء المهام الموكلة لهم بشكل صحيح وبقدر إمكانهم، بل إن الالتزام العالي سيدفع المدرس إلى فعل أكثر مما هو مطلوب منه، وبالتالي تحقيق أفضل أداء ممكن وتخطي معايير تقييم المعلم، ويتعين عليك كمدير العمل على تعزيز شعور المعلمين بالالتزام من خلال ما يلي:
وفّر الدعم المطلوب
سواء كان هذا الدعم يأخذ شكل حل المشكلات التي يواجهها المعلم أثناء أداء عمله أو توفير البنية التحتية التعليمية المناسبة، فإن تقديم الدعم هو أساس مطالبة المعلمين بالالتزام، انطلاقا من أن المدرسة لم تدخر جهدا في القيام بعملها وتوفير بيئة تعليمية داعمة.
افرض قواعد العمل المتفق عليها
الوجه الآخر لتعزيز الالتزام هو الضغط على المعلمين باتجاه تقديم أداء جيد في الفصل وفرض القواعد المتفق عليها، يأخذ هذا الضغط أشكالا مختلفة، كأن تطلب من المعلم صراحة أن يؤدي عمله بشكل صحيح، أو أن توجه له اللوم عندما يتعمد التقصير في عمله.
أكد على أهمية جودة الأداء الوظيفي للمعلم
رغم أن هذا الأمر بديهي، إلا أن الذكرى تنفع، لذلك اصنع وعيا وإيمانا لدى المعلمين بأهمية جودة الأداء والحصول على عدد كبير في نقاط تقييم المعلم، وحفزهم على امتلاك عزيمة قوية وشعور بالارتباط بالحفاظ على مستوى الجودة المطلوب والارتقاء المستمر بها.
أخيرا، يطمح كل مدير أن يكون جميع المعلمين على مستوى عال من الكفاءة، ويرى نفسه مسؤولا عن تحقيق ذلك، إلا أن تحسين تقييم المعلم يحتاج وقتا ويستدعي صبرا ومساعدة مستمرة، وتستحق ثمرة هذا التحسين كل الجهد المبذول، إذ تنعكس في تحسن نتائج تعلم الطلاب وهو العامل الأساسي في نجاح المدرسة.