الملل في المدرسة: كيف تجعل التعلم ممتعًا لطُلابك؟

إن غرس الرغبة في التعلم هو هدف رئيسي للمعلمين وأولياء الأمور، إذ  يؤدي الطلاب المتحمسون للتعلم أداءً أكاديميًا أفضل، كما أنهم أكثر استعدادا لتطوير شغف التعلم الذي سيبقى معهم طوال حياتهم، غير أن ظهور علامات الملل لدى الطالب في الفصل قد يكون مثيرًا للقلق أو الإحباط أو الحيرة أو الانزعاج للمعلمين وللأولياء على حد سواء، وفقًا  لأستاذ علم النفس جيمس دانكيرت وعالم الأعصاب الإدراكي بجامعة واترلو في أونتاريو،  فإن الملل هو "إشارة إلى أن الطالب لديه رغبة في شيء ذي معنى وهادف ومفيد"، لذلك فإن فهم ومعالجة أسباب شعور الأطفال بالملل في المدرسة، ومحاولة إيجاد حلول ذات معنى، هو أمر بالغ الأهمية لنجاح الطلاب الأكاديمي ورفاههم العام.

يهدف هذا المقال إلى التعمق في الأسباب الكامنة وراء هذا الملل وتقديم نصائح عملية للمعلمين لإبقاء الطلاب متحمسين ومهتمين بتعليمهم!

ما هو الملل في المدرسة؟

الملل في المدرسة هو حالة مزاجية غالبا ما يعاني منها الطلاب، ويرتبط ارتباطًا سببيًا بالسلوكيات المزعجة ويمكن أن يكون له آثار سلبية على رفاهية الطلاب وتحصيلهم الأكاديمي، نادرًا ما يتم تناول الملل بشكل صريح في المدارس، ولكنه شعور منتشر وغير سار يجب الاعتراف به وفهم أسبابه ومحاولة إيجاد حلول للحد منه.

أسباب الملل المدرسي

تختلف أسباب شعور الطلاب بالملل في المدرسة من طالب إلى آخر، فيما يلي بعض الأسباب التي لخصها جملة من الخبراء في علم النفس، والإرشاد المدرسي:

الإفراط في التركيز على التعلم عن طريق الحفظ

يساهم التعلم عن طريق الحفظ، والذي يركز على الحفظ بدلًا من الفهم،  بشكل كبير في شعور الطلاب بالملل في المدرسة، إذ  قد يبدو التعلم مُملًا وغير مُلهِم عندما يُطلب من الطلاب حفظ التواريخ أو الصيغ أو التعريفات دون سياق أو تطبيق عملي!

طرق التدريس الرتيبة

يؤثر التكرار والروتين، وطرق التدريس الرتيبة بشكل كبير على اهتمامات الطلاب، مع تقدم الطلاب خلال تعليمهم، غالبًا ما يحتاجون إلى أساليب تدريس أكثر تنوعًا. عندما يعتمد المعلمون فقط على المحاضرات أو قراءة الكتب المدرسية، يمكن أن تفتقر الفصول الدراسية إلى الديناميكية اللازمة لإشراك العقول الشابة، و يمكن أن يؤدي هذا النقص في التنوع في أساليب التدريس إلى ظهور علامات الملل، مثل عدم الانتباه واللامبالاة وعدم الاهتمام، أو عدم المشاركة في المناقشات الصفّية.

عندما لا يواجهون تحديات كافية

يشعر الطلاب الموهوبون بالملل في المدرسة عندما لا تتمكن المواد من مواكبة اهتماماتهم وقدراتهم، فالطلاب الذين لا يحتاجون إلى الكثير من التعليمات لإتقان مهارة ما، أو الذين يبدأون التعلم قبل بدء الفصل الدراسي، غالبًا ما يشكون من الشعور بالملل، كما أن العديد من الطلاب الذين يواجهون تحديات أقل يتّسِمون بالإهمال في عملهم ولا يدرسون كثيرًا (على الرغم من أنهم ما زالوا يرغبون في الحصول على درجات جيدة).

حياة مدرسية بدون حوافز

يشتكي الطلاب الذين يعانون من نقص الحافز من الملل في الفصل؛ لأنهم يشعرون أنهم يعرفون بالفعل ما يتم تدريسه أو أنه غير مهم بالنسبة لهم تكرار ما يعرفونه،  لذلك، لا يشعرون بأي حافز للقيام بالعمل لتعلم شيء جديد في كثير من الأحيان، يتم ربط عبارة "المدرسة مملة" بـ "لهذا السبب لا أقوم بالعمل" أو "لهذا السبب لا أهتم".

مخاوف اجتماعية وصحية

عندما يعاني الأطفال من الملل في المدرسة، يكون ذلك في بعض الأحيان علامة على أنهم يواجهون صعوبات أسرية في المنزل، مثل الطلاق، أو الانتقال إلى مكان جديد، أو الضغوط المالية، أو وفاة أحد الأفراد المقربين في الأسرة، بالإضافة إلى ذلك، قد يكون لديهم مخاوف تتعلق بالصحة العقلية،  مثل الاكتئاب في مرحلة الطفولة، والقلق، والأرق، أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، والتي تساهم في عدم الاهتمام بالمدرسة.

عدم وجود تواصل مع الأقران والمعلمين

قد يشعر الطلاب الذين يجدون صعوبة في إقامة اتصال مع أقرانهم أو معلمهم أو المجتمع المدرسي الأكبر بالملل في المدرسة لأنهم يشعرون بالعزلة، أو أنهم لا ينتمون إلى ذلك المجتمع، أو أنهم غير مقبولين، وقد يشعرون كما لو أنه ليس لديهم مكان يلجأون إليه عندما يحتاجون إلى المساعدة في عملهم المدرسي أو مشاكلهم الشخصية.

12 طريقة لجعل التعلم ممتعا لطلابك

فيما يلي 12 طريقة سهلة التنفيذ للحد من مشكل الملل في المدرسة، وللحفاظ على الرغبة في التعلم متقدة لدى طُلّابك:

1. كن واضحًا بشأن أهداف التعلم

قد يكون من المحبط للغاية بالنسبة للطلاب إكمال مهمة ما أو حتى معرفة كيفية التصرف في الفصل إذا لم تكن هناك أهداف محددة بوضوح،  يريد الطلاب ويحتاجون إلى معرفة ما هو متوقع منهم للبقاء متحمسين للتعلم، في بداية العام، حدد أهدافًا وقواعد وتوقعات واضحة للطلاب حتى لا يكون هناك ارتباك ويكون لدى الطلاب أهداف يتعين عليهم تحقيقها.

2. خلق بيئة آمنة

على الرغم من أن الطلاب بحاجة إلى فهم أن كل فعل له عواقب، إلا أن هناك شيئًا أكثر تحفيزًا للطلاب من التهديدات: وهو تعزيز البيئة الإيجابية، عندما يقوم المعلم بتهيئة بيئة مطمئِنَةٍ وداعمة للطلاب، مع الحفاظ على ثقته في قدرات الطالب على النجاح بدلًا من تعريض الجميع لعواقب عدم القيام بالأشياء، فمن المرجح أن يكون الطلاب "متحفزين ومتحمسين للقيام بعملهم".

3. تبني طرق تدريس مبتكرة

إحدى أفضل الطرق لتحفيز طلابك هي تنويع طرق التدريس، تعد طرق التدريس المبتكرة بمثابة نهج يعيد اختراع نفسه باستمرار لتلبية احتياجات الطلاب ودعم تطورهم الشخصي والأكاديمي، و يتبنى المزيد والمزيد من المعلمين أساليب تدريس جديدة لإنشاء بيئة تعليمية ديناميكية وجذابة وشخصية، ومن أهم هذه الطرق المبتكرة: التعلم بالمشاريع، التعلم باللعب، التعلم المتبادل، التعلم بالحجج.. إلخ.

إذا كنت مهتما بدمج هذه الأساليب في فصلك المدرسي، التحق مجانًا بدورة التعلم باللعب الآن!

4. غيّر المكان!

يعد الفصل الدراسي مكانًا رائعًا للتعلم، ولكن الجلوس في مكان واحد يومًا بعد يوم قد يجعل المدرسة تبدو روتينية ومملة لبعض الطلاب، لتجديد اهتمامهم أو فقط لتعزيز التعلم بشكل عام، امنح طلابك فرصة للخروج من الفصل الدراسي، نظم رحلات ميدانية، أو قم بدعوة المتحدثين، أو حتى توجه إلى المكتبة لإجراء بعض الأبحاث مع طلابك،  يحب الدماغ البشري التغيير والابتكار، وقد يكون الانتقال إلى مكان جديد هو ما يحتاجه بعض الطلاب ليظلوا متحفزين للتعلم.

قد يهمك أيضا: النشاط اللامنهجي: الحياة خارج الفصل الدراسي

5. امنح الطلاب إمكانية الاختيار

في حين أن توجيهات المعلم مهمة للحفاظ على تركيز الطلاب وتحفيزهم، فإن السماح للطلاب بالحصول على بعض الحرية في اختيار ما يحدث في الفصل بين الفينة والأخرى، هو في الواقع أحد أفضل الطرق لإبقائهم منخرطين في عملية التعلم،  على سبيل المثال، السماح للطلاب باختيار نوع المهمة أو المشروع للعمل عليه يمكن أن يمنحهم إحساسًا بالمسؤولية، مما قد يحفزهم على القيام بعمل أفضل.

6. قدم تجارب متنوعة

لن يستجيب جميع الطلاب للدروس بالطريقة نفسها،  بالنسبة للبعض، قد تكون التجارب العملية هي الأفضل، وقد يستمتع الآخرون بقراءة الكتب أو العمل في مجموعات، للحفاظ على تحفيز جميع الطلاب، قم بدمج دروسك عن طريق المزج بين مختلف طرق التلقي التي يفضلها طلابك،  بهذه الطريقة، يمكن للطلاب ذوي التفضيلات المختلفة التركيز على الأشياء التي يفضلونها، سيساعد هذا الطلاب على البقاء منخرطين ومنتبهين.

وقد أظهرت الدراسات أن تقنيات التدريس النشطة، مثل المناقشات الجماعية الصغيرة (التعلم من الأقران)، والعروض التقديمية في الفصول الدراسية، ولعب الأدوار، يمكن أن تساعد الطلاب على البقاء متحمسين للتعلم.

7. استخدم المنافسة الإيجابية

المنافسة في الفصل الدراسي ليست دائما أمرا سيئا، وفي بعض الحالات يمكن أن تحفز الطلاب على بذل جهد أكبر والعمل على التفوق أكثر، اعمل على تعزيز روح المنافسة الودية في الفصل الدراسي الخاص بك، ربما من خلال الألعاب الجماعية المتعلقة بالمادة، أو غيرها من الفرص للطلاب "لإظهار" معارفهم أو عرض مهاراتهم لزملائهم في الفصل.

8. تقديم المكافآت

يُحبّ الجميع الحصول على المكافآت، ويعد منح طلابك الفرصة لكسبها حافزًا كبيرًا،  أشياء بسيطة مثل كتاب، أو مجموعة أقلام فريدة، أو حتى شيء بسيط مثل ملصق جميلٍ يمكن أن تلهم الطلاب على العمل بجدية أكبر لتحقيق النجاح حقًا، يجب أن تضع في الحسبان الشخصيات والاحتياجات الفردية لطلابك لتحديد المكافآت المناسبة.

اكتشف كيفية تطبيق عناصر الألعاب، مثل المكافآت والتغذية الراجعة والسرد القصصي ودورها في تحفيز التعلّم، التحق الآن بدورة: كيف نطبق تقنيات التلعيب في الصف الدراسي؟

9. منح الطلاب المسؤوليات

يعد تعيين "مهام" للطلاب في الفصل طريقة رائعة لبناء المجتمع وتحفيزهم،  سينظر معظم الطلاب إلى هذه المهام على أنها امتياز وليس عبئًا وسيعملون بجد للتأكد من أنهم وأقرانهم يلبون توقعات المعلم، قد يكون من المفيد أيضًا السماح للطلاب بالتناوب في قيادة الأنشطة أو مساعدة أولئك الذين يعانون من مشكلة في التعلم، حتى يشعر الجميع بالأهمية والتقدير.

10. تشجيع العمل الجماعي

على الرغم من أن جميع الطلاب لم يجربوا فرصة العمل ضمن مجموعة، إلا أن العديد منهم سيجدون أنه من الممتع محاولة حل المشكلات وإجراء التجارب والعمل في مشاريع مع زملاء آخرين في الفصل. يمكن أن يحفزهم التفاعل الاجتماعي في موضوعات معينة ويمكن للطلاب تحفيز أنفسهم معًا بسهولة أكبر لتحقيق الهدف. ومع ذلك، يجب على المعلمين التأكد من أن المجموعات متوازنة وعادلة، بحيث لا يقوم بعض الطلاب بعمل أكثر من غيرهم.

11. امتدح العمل الجيد

ربما لا يوجد شكل آخر من أشكال التحفيز الذي يمكن أن يحقق نتائج إيجابية بشكل أسرع مثل التشجيع، حتى كبالغين، فإننا نتوق إلى التقدير والثناء، والطلاب من جميع الأعمار ليسوا استثناءً. يمكن للمعلمين منح الطلاب حافزًا إضافيًا من خلال مكافأة النجاح علنًا، والإشادة بالعمل الجيد، ومشاركة العمل المثالي.

12. اجعل الفصل مكانا ممتعا

ليس المقصود من جميع مهام الفصل الدراسي أن تكون ألعابًا بالطبع، لكن الطلاب الذين يرون المدرسة كمكان حيث يمكنهم التعلم والاستمتاع سيكونون أكثر تحفيزًا للانتباه وأكثر ميلاً إلى إكمال أي عمل قد يعتبر روتينيا، إن إضافة أنشطة ممتعة إلى يومك المدرسي يمكن أن يساعد الطلاب الذين يعانون من الملل ويجعل فصلك الدراسي مكانًا أكثر ودية لجميع الطلاب.

وأخيرا، في الواقع، غيرت المنافسة الشديدة من الإنترنت، وهي مصدر ممتع وتفاعلي للتعلم والمعلومات، الوضع بشكل خطير، وأصبح الطلاب يشعرون بالملل من أساليب التدريس التقليدية، ومن الحياة المدرسية الرتيبة، لذلك يمكنك من خلال دمج هذه الاستراتيجيات والنصائح، أن تحفز الرغبة في التعلم لدى الطلاب، ويمكنك مساعدتهم على تنمية شغفهم وحماسهم بالتعلم والمعرفة،  وهذا سوف يرافقهم طوال حياتهم، كمعلم، لديك القدرة على تشكيل أجيال المستقبل من المتعلمين من خلال إلهامهم للتعلم، وإعدادهم لتحقيق النجاح طوال حياتهم.

ما الذي تفعله لتجعل التعلم ممتعا لطلابك؟ 

حسنا.. ماذا لو كان المعلم هو الذي يشعر بالملل؟ نقترح عليك حلولا لعلاج الملل في المقال التالي.