النشاط اللامنهجي: الحياة خارج الفصل الدراسي

تُشير الكثير من الأبحاث التي تم إجراؤها فيما يتعلق بالأنشطة اللامنهجية وتأثيرها على نجاح الطالب في الفصل الدراسي إلى أن هذه الأنشطة لها تأثير إيجابي على درجات الاختبارات والنتائج النهائية للطلاب، إضافة إلى ذلك  تمنح الأنشطة اللامنهجية للمعلم فرصة ثمينة للتأثير على حياة الطالب بطريقة ذات قيمة خارج الفصل الدراسي، لأن الأنشطة اللامنهجية تساعد الطلاب على الاستمرار في التركيز على عملهم المدرسي لتحقيق أهدافهم الأكاديمية والمهنية، كما وتساعد أيضًا في بناء علاقة توجيهية بين الطلاب والمعلمين والتي يمكن أن تكون ذات أهمية قصوى في حياة الطالب في المستقبل.

سنناقش في هذا المقال أهمية الأنشطة اللامنهجية في حياة الطالب المدرسية والمستقبلية، وكيف يمكن أن يساهم المعلم في دفع الطلاب للانخراط في هذه الأنشطة المفيدة!

ما هو النشاط اللامنهجي؟

هو أي نشاط لا يشكل جزءًا من المنهج الدراسي (الأنشطة اللاصفية)،  وغالبًا ما يتم ذلك خارج الفصل الدراسي في ساحات المدرسة، أو قاعات خاصة مثل قاعة الرسم، والمسرح، والموسيقى، وقاعات الرياضة.. وغيرها، وهو يتمحور حول نشاطٍ يهدف إلى مساعدة الطلاب على اكتساب المهارات التي يحتاجونها للنجاح في حياتهم المهنية المستقبلية، وغالبًا ما تحتوي هذه الأنشطة على عنصر تنافسي أو أكاديمي يساعدهم على التركيز على ما يريدون تحقيقه.

وقد تشمل بعض الأنشطة اللامنهجية: ألعاب القوى والفن والرسم، والمسرح، ويمكن أن تساعد مثل هذه الأنشطة الطلاب على تطوير المهارات الاجتماعية مع اكتساب خبرة قيّمة للمساعي المهنية المستقبلية، إضافة إلى تعلم العمل الجماعي.

لا يتم تضمين الأنشطة اللامنهجية رسميًا كجزء من المنهج الدراسي، وهي اختيارية، لكنها ترتبط بالتدريس، لأن المؤسسات التعليمية تُقدمها بهدف تعزيز وتنمية مواهب ومعارف ومهارات الطلاب.

ظهرت الأنشطة اللامنهجية لأول مرة في الكليات خلال القرن التاسع عشر وكانت مكملة لمناهج الدراسة، وقد استشعر الطلاب أن الأنشطة مثيرة للاهتمام حقًا واستخدموها لاهتماماتهم العملية والمهنية، كان أول نشاط لامنهجي في شكل مجتمع أدبي طلابي، تعود جذوره إلى القرن الماضي في جامعتي هارفارد وييل. 1

أهمية النشاط اللامنهجي

تم تصميم معظم هذه الأنشطة مع الأخذ في الاعتبار الصورة الأكبر،  فهي غنية بالمعلومات ومسلية وتساعد الطلاب على تعلم المهارات الأساسية التي لا يمكن تدريسها من الكتب أو في الفصول المدرسية اليومية، ويلعب النشاط اللامنهجي دورًا مهمًا في حياة الطلاب، إذ يساعدهم على النمو فكريًا وعاطفيًا واجتماعيًا، بمعنى آخر، تعد الأنشطة اللامنهجية طريقة رائعة للطلاب لتعلم مهارات القيادة وتطوير مهاراتهم الاجتماعية، كما أنها تسمح للطلاب بالمشاركة في مجتمعهم وتكوين صداقات جديدة.

ما هي فوائد الأنشطة اللامنهجية؟

يمكن للمعلم أن يجعل النشاط اللامنهجي خارج الفصل الدراسي رحلة لطلابه لاكتشاف اهتمامتهم وحتى معرفة المزيد عن أنفسهم، وتطوير المهارات الاجتماعية، واكتساب خبرة قيّمة تسهم في دفع مستقبلهم، فيما يلي بعض فوائد الأنشطة اللامنهجية:

1. تحسين التنشئة الاجتماعية للطلاب

من أهم فوائد الأنشطة اللامنهجية أنها توفر حياة اجتماعية صحية للطلاب، يشعر الطلاب الذين يشاركون في الأنشطة اللامنهجية بمزيد من القبول وبعزلةٍ أقل، كما يتمتعون أيضًا بتقدير أفضل لذاتهم، وهو ما يمكن أن يساعدهم على الاندماج في الفصل.

2. تعلّم قيم المثابرة والمسؤولية

تساعد الأنشطة اللامنهجية الطلاب في تعلّم قيم المثابرة والمسؤولية، لأنها تعطي الطلاب الفرصة لاختبار مهاراتهم، وبناء العلاقات مع أقرانهم وتكوين صداقات في بيئة آمنة.

3. اكتشاف مجالات اهتمام جديدة

نظرًا لأن الطلاب مشغولون بالعمل المدرسي طوال أيام السنة تقريبا، فليس لديهم الوقت لاستكشاف اهتمامات جديدة، وتعتبر الأنشطة اللامنهجية الطريقة المثالية التي تُساعد الطلاب على اكتشاف اهتمامات جديدة وتمنحهم الوقت للانغماس في شيء يثير شغفهم.

ويمكن للطلاب الذين يشاركون في الأنشطة اللامنهجية خارج المدرسة أن يتعلموا مجموعة مهارات أكثر شمولًا تجعلهم أكثر قابلية للحصول على وظائف في المستقبل، وتتيح هذه الأنشطة للطلاب أيضًا الفرصة لتعلم أشياء جديدة واستكشاف مسارات وظيفية مختلفة والعثور على شغفهم في الحياة.

4. وقت ممتع للطالب

يمكن أن تكون الأنشطة اللامنهجية وقتا مفيدا للاسترخاء وكسر رتابة الحياة داخل الفصل الدراسي بين الفينة والأخرى، لذا فإن الهدف من الأنشطة اللامنهجية هو توفير وقتٍ ممتع للطلاب، كما أنها تساعد الطلاب على البقاء بصحة جيدة والحفاظ على حالة عقلية إيجابية، وهي  أيضًا طريقة رائعة للمعلمين لمعرفة ما يهتم به الطلاب وما يجيدونه.

أنواع الأنشطة اللامنهجية

هناك العديد من أنواع الأنشطة اللامنهجية التي يمكن للطلاب المشاركة فيها، بعض هذه الأنشطة تحظى بشعبية أكبر من غيرها، ولكن جميعها لها إيجابياتها وأهميتها.

الرياضة

تعتبر الرياضة طريقة رائعة للحفاظ على نشاط الطلاب وصحتهم، وتساعدهم في اكتساب مهارات الاتصال الحيوية وصنع القرار بالإضافة إلى القدرة على العمل جنبًا إلى جنب مع الآخرين كجزء من الفريق، وتطوير مهارات جديدة.

الألعاب

اللعب هو نشاط طبيعي يساعد الطلاب على التعلم والنمو، هناك أنواع مختلفة من الألعاب، والتي تشمل الألعاب البدنية والمعرفية والعاطفية والاجتماعية.

هناك العديد من الفوائد للعب، فهو يساعد الطلاب على تطوير قدراتهم الإبداعية، وتعلم تبادل الأدوار، وحل النزاعات، والعمل الجماعي. إنه أيضًا طريقة مهمة بالنسبة لهم لتطوير المهارات الاجتماعية.

النوادي العلمية والتكنولوجية

تشمل فوائد الأندية العلمية للطلاب فرصة تطوير فهم أعمق للعالم والمنهجيات العلمية، بالإضافة إلى ذلك، يتمكن الطلاب من اكتساب الخبرة في التجريب العلمي، خصوصا للطلاب الذين يرغبون في تحقيق حياتهم المهنية في مجال العلوم والتكنولوجيا، حيث توفر هذه الأندية فرصًا لمعرفة المزيد عن المهن المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا من خلال المشاركة في هذه الأنشطة.

الأنشطة الفنية والثقافية

تساعد الأنشطة الفنية والثقافية على بناء العلاقات، وهي مهمة للغاية في البيئة المدرسية، كما أن لها فوائد كثيرة للطلاب، مما يجعل الوقت الذي يقضيه الطالب في هذه الأنشطة وقتا ثمينا، وهناك العديد من الأنشطة الفنية والثقافية التي يمكن للطلاب القيام بها لتعزيز تعليمهم منها:

الرسم

يعد الرسم طريقة رائعة للتعبير عن المشاعر والأفكار من خلال استخدام الألوان والقماش كما أنها أيضًا طريقة رائعة للطالب للتعبير عن نفسه والتواصل مع الآخرين من حوله.

المسرح

يعتبر المسرح من الفنون التي يحب الطلاب تعلمها، وهذا يسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم والإبداع بطرق لا يمكنهم القيام بها مع الوسائط الأخرى، يعد المسرح أيضًا فرصة للطلاب للتعبير عن أصواتهم واكتساب الثقة في قدراتهم.

يمكن أن يكون المسرح أداة رائعة للطلاب لأنه يسمح لهم باستكشاف جوانب مختلفة من الحياة دون مغادرة منطقة الراحة الخاصة بهم، كما أنه يساعدهم على تطوير مهارات مثل التحدث أمام الجمهور والتمثيل والإبداع والتعاطف وما إلى ذلك.

النوادي الأدبية

الانضمام إلى أنشطة أدبية مثل، الكتابة (نثر وشعر)، ونوادي القراءة الجماعية، هو فرصة حقيقية للطالب ليتمكن من استكشاف مهارات واهتمامات جديدة، والتعبير عن نفسه وأفكاره بطرق إبداعية وفريدة.

يمكن إضافة إلى كل هذه الأنشطة اللامنهجية الأكثر شيوعا، أن نضيف أنشطة أخرى مرحة مثل تعلّم الطبخ، والبستنة، وفن الخطابة، والشطرنج، والمسابقات الطلابية المختلفة.. وغيرها.

كيف تُشجع طلابك على المشاركة في الأنشطة اللامنهجية؟

بالرغم من الأهمية الكبيرة التي تكتسيها الأنشطة اللامنهجية، إلا أنّ أحد التحديات الكبيرة في هذه الأنشطة هو تشجيع المزيد والمزيد من الطلاب على المشاركة فيها، خصوصا عندما يلاحظ المعلم أن مستوى المشاركة في هذه الأنشطة غير الأكاديمية آخذ في الانخفاض، فيما يلي بعض النصائح لتشجيع طلابك على الانخراط في الأنشطة اللامنهجية:

فهم اهتماماتهم

من الضروري فهم ما يستمتع الطلاب بالقيام به، وما يثير اهتمامهم، والطريقة الوحيدة للعثور على ذلك هي إشراكهم في أنشطة أكثر حيوية، ومن المهم أيضًا أن نجعل الطلاب يُدركون ويكتشفون اهتماماتهم بأنفسهم.

جعل الأنشطة ممتعة وجذابة

إذا كانت الأنشطة جذابة بما فيه الكفاية، فمن المؤكد أن الطلاب سيجدونها ممتعة وسيرغبون في المشاركة مرة أخرى، ومن الضروري أيضًا أن يتم تحفيزهم قبل بدء الأنشطة وإخبارهم بكل حماس بما سيحققونه من متعة، سيجعلهم ذلك متحمسين وربما يزيد من نسبة المشاركة.

تقديم المكافآت

من الواضح أن الطلاب سيكونون أكثر عرضة للانخراط في الأنشطة اللاصفية إذا علموا أنهم سيحصلون على مكافأة ولو بسيطة في نهايتها، لذلك، أخبر طلابك بالمكافآت التي سيحصلون عليها بعد الانتهاء من النشاط لجعلهم أكثر اهتمامًا بالمشاركة، من جانب آخر، ينبغي التأكد من أن هذه المكافآت ليست ضارة لهم، مثل الحلوى وألعاب الفيديو وغيرها..، ومن الأفضل مكافأتهم بكتب التلوين وأقلام التلوين وأقلام الحبر، وكتب مفيدة للمطالعة وغيرها..

شارك معهم

سيجد الطلاب دائمًا نشاطًا أكثر إثارة إذا كان آباؤهم أو معلموهم يقومون به معهم، بدل إخبارهم بما يجب عليهم فعله، سينظر إليك الطلاب كمحترف في هذا النشاط وسيحاولون تقليدك من خلال بذل جهد أكبر للقيام به بشكل جيد.

عندما يشارك المعلمون في الأنشطة اللامنهجية، سيكون لديهم القدرة ليس فقط على التأثير بشكل إيجابي على الطلاب، ولكن أيضًا على التأثير بشكل إيجابي على العلاقات التي تربطهم بالطلاب، والثقافة المدرسية التي يعملون فيها، وتصوراتهم الخاصة لقدراتهم.

فهم حدودهم

من الضروري أن تفهم حدود طلابك، سواء كانت جسدية أو عاطفية أو تعليمية، تأكد من أن أنشطتك مصممة لتناسبهم بشكل جيد وتبقيهم منشغلين ومستمتعين لفترة أطول بما يناسب قدراتهم، واسمح لهم بإنهاء تلك الأنشطة حتى يشعروا بإحساس الإنجاز.

استمع لأفكارهم

لكي تكون الأنشطة اللامنهجية أكثر متعة وسلاسة، تجنب وضع الكثير من القواعد والقيود على الأنشطة، واستمع لأفكارهم، وما يرغبون في فعله أو تغييره، إن إطلاق العنان للطلاب للتعبير عن أفكارهم سيساعدهم على الكشف عن قدراتهم الإبداعية الحقيقية، وربما يستمتعون بفعل ذلك أكثر.

ختامًا، يتمثل الدور الرئيسي للمعلم في التخطيط للدروس، وتزويد الطلاب بالمعارف، وحتى تطويرهم من الناحية الأكاديمية، غير أن مشاركة الطلاب في الأنشطة اللامنهجية في المدرسة، وتشجيعهم على الانخراط فيها لا يقل أهمية عن الحصول على علامات جيدة في نهاية المطاف، فهي تساعدهم على التعرف على أنفسهم وتطوير مهاراتهم ومعارفهم واستخدامها في سياقات مختلفة، كما وتساعدهم في فهم مشاكلهم وحلها، وتعزيز نموهم وتطورهم البدني والعقلي والعاطفي لتحقيق النجاح المنشود في الحياة.