الطالب في دائرة الضوء: دليلك إلى طرق التدريس التي ترتكز على المتعلم

لكل نظرية تعلم مدرسة فكرية خاصة، ولكن، في جميع الأحوال نلاحظ أنه كلما زاد انخراط المتعلمين في عملية التعلم، زادت قدرتهم على الاحتفاظ بالمعلومات. يعتمد التدريس الذي يرتكز على المتعلم بشكل أساسي على إشراك المتعلم في عملية التعلم، وتتجلى أهمية الفصول الدراسية التي ترتكز على المتعلم في زيادة الدافع، وتعزيز التفكير النقدي، والاحتفاظ بالمعلومات على المدى الطويل، والتأهب لتحديات العالم الحقيقي، وتعزيز التعلم مدى الحياة. 

فيما يلي نسلط الضوء- بشيء من التفصيل- على بعض الخصائص الذي يتميز بها التدريس الذي يرتكز على المتعلم، مبادئه، وفوائده، وكيفية تطبيقه.

ما هي طرق التدريس التي ترتكز على المتعلم؟

هي أساليب تعليمية تضع المتعلم وخبراته في طليعة عملية التعلم. تعترف أساليب التدريس التي تركز على المتعلم بتفرد كل طالب، وتطوير خبرات التعلم مع وضع احتياجات المتعلم وتفضيلاته وقدراته في الاعتبار. تشمل هذه الأساليب: 

• التعلم النشط: حيث يقوم الطلاب بحل المسائل أو الإجابة على الأسئلة أو صياغة الأسئلة الخاصة بهم أو مناقشتها أو شرحها أو مناقشتها أو العصف الذهني أثناء الدرس.

• التعلم التعاوني: حيث يعمل الطلاب في فِرَق على المسائل والمشاريع في ظل ظروف تضمن كلًا من الترابط الإيجابي والمسؤولية الفردية.

• التدريس والتعلم الاستقرائي: حيث يتم تقديم التحديات للطلاب أولًا. تشمل الأساليب الاستقرائية التعلم القائم على الاستقصاء، والتعليم القائم على الموقف، والتعلم القائم على حل المشكلات، والتعلم القائم على المشاريع، والتعلم بالاكتشاف، والتدريس الآني.

فوائد التدريس الذي يرتكز على المتعلم

مما لا شك فيه أن طرق التدريس التي ترتكز على المتعلم تقدم قيمة مختلفة للمنظومة التعليمية، وتتسم بوفرة من المميزات والفوائد، من أهمها:

1- زيادة التحفيز: يكون المتعلمون أكثر تحفيزًا للتعلم عندما يشاركون بنشاط في التعلم ويشعرون بأن اهتماماتهم واحتياجاتهم يتم التعامل معها بشكل صحيح.

2- تحسين الاحتفاظ بالمعرفة والمهارات: عندما يشارك المتعلمون بنشاط في العملية التعليمية، فإن هذا سيساعدهم أن يتذكروا ما تعلموه.

3- تحسين التفكير النقدي: تشجع المشاركة النشطة في عملية التعلم الطلاب على التفكير النقدي وتحليل المعلومات والتفكير في المشكلات بشكل مستقل.

4- تعزيز الشعور بالمسؤولية: يتولى المتعلمون بالتعاون مع معلميهم زمام عملية تعلمهم، مما يعزز الشعور بالمسؤولية عن نجاحهم الأكاديمي ويطور لديهم قدرًا أكبر من الاستقلال والاعتماد على الذات.

5- تحسين التواصل: يمكن للمتعلمين تحسين مهارات التواصل لديهم من خلال العمل في مجموعات والمشاركة في المناقشات والمناظرات.

6- تحسين الإبداع: يمكن أن يعزز النهج الذي يركز على المتعلم الإبداع والابتكار، حيث يتم تشجيع المتعلمين على التفكير خارج الصندوق وتطوير أفكارهم وحلولهم.

7- مشاركة أفضل: في التدريس المرتكز على المتعلم يشارك المتعلمون في عملية التعلم، وعندما يشاركون بنشاط، فإن ذلك يؤدي إلى نتائج أفضل.

8- مهارات تعلم تدوم مدى الحياة: يزود التدريس الذي يرتكز على المتعلم الطلاب بالمهارات الأساسية للتعلم التي يستفيدون منها طوال حياتهم، مما يسمح لهم بالتكيف مع عالم سريع التغير.

قد  يهمك أيضا:  10 أنواع من طرق التدريس المبتكرة

خصائص طرق التدريس التي ترتكز على المتعلم

يتميز التدريس الذي يرتكز على المتعلم ببعض الخصائص التي تميزه عن أساليب التدريس التقليدية الأكثر شيوعًا. في مقابل الأساليب التي تركز على المعلم، والتي ترتكز على المفاهيم السلوكية وتطبيقها على عملية التعلم، ومن ثم فإن المعلمين يكونون بمثابة خبراء يرشدون الطلاب ويشاركونهم المعرفة، فإن الأدوار تختلف قليلًا في الأساليب التي تركز على المتعلم، والتي تسمح بالمزيد من الحرية والاستقلالية للطالب. وبالإضافة إلى الفوائد التي ذكرناها سابقًا، فإن طرق التدريس التي ترتكز على المتعلم توفر قدرًا كبير من الموارد وتعمل بشكل أكثر فعالية من حيث التكلفة إلى حد كبير. أخيرًا وليس آخرًا، فإن طرق التدريس التي ترتكز على المتعلم تسمح للمديرين بتتبع جميع عمليات التعلم والتطوير بالتفصيل، وهو الأمر الذي لن يكون ممكنًا بدون نظام كهذا. فيما يلي نتناول أهم خصائص طرق التدريس التي ترتكز على المتعلم:

1- مسارات تعليم مخصصة

في طرق التدريس التي ترتكز على المتعلم يقوم المعلمون بتصميم آليات وأدوات للتعلم مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات كل متعلم وأهدافه واهتماماته. يمكن أن يشمل ذلك الدورات والوحدات والموارد ذات الصلة التي تلبي متطلباتهم الفريدة ومستويات مهاراتهم، مما يجعل التعلم أكثر فعالية وأهمية ومباشرة.

2- المشاركة التفاعلية من خلال محتوى جذاب

يقوم المعلمون بتشجيع الطلاب على إيجاد وسائل للقيام بالمهام المطلوبة منهم في إطار عملية التعلم وإنتاج حلول للمشاكل وتطوير الأفكار من خلال تطوير محتوى جذاب يشجع على المشاركة النشطة ويعزز التعلم العميق. يمكن أن يشمل ذلك الاختبارات والألعاب والمحاكاة وتمارين حل المشكلات.

3- التعاون

يسعى المعلمون في طرق التدريس التي ترتكز على المتعلم إلى تشجيع التعاون بين المتعلمين من خلال دمج المشاريع الجماعية ومنتديات المناقشة وملاحظات الأقران. وهذا يساعد على تطوير مهارات الاتصال والعمل الجماعي مع تعزيز الشعور بالانتماء للمجتمع. يمكن ذلك الطلاب من التعبير عن احتياجاتهم ومشاركة تجاربهم ومعرفتهم السابقة في عملية التعلم.

4- المراجعات الدورية والتقييم المستمر. 

من خلال تنفيذ تقييمات منتظمة وآليات للمراجعة لمساعدة المتعلمين على تتبع تقدمهم وتحديد مجالات التحسين. يمكن أن يشمل ذلك الاختبارات القصيرة والتقييمات الذاتية وتعليقات المعلم.

5- المرونة والشمول

لا يمكن إنكار أن الطلاب ليسوا متشابهين من حيث الذهنية وقابلية التلقي وطرق التفكير، لذلك فإن طرق التدريس التي ترتكز على المتعلم تتطلب من المعلمين التكيف مع أنماط التعلم المتنوعة.

6- التأمل الذاتي

في التدريس الذي يرتكز على المتعلم، يقوم المعلمون بِحَثِّ الطلاب على المزيد من التأمل، حتى يتمكنوا من الاطلاع على الموضوعات وإيجاد آلية لمعالجتها في المستقبل.

مبادئ التدريس الذي يرتكز على المتعلم

تعتمد طرق التدريس التي ترتكز على المتعلم مجموعة من المبادئ التي يتيح استخدامها التحول من الفصل الدراسي التقليدي إلى الفصل الدراسي التعاوني حيث يتم وضع احتياجات الطلاب في المقام الأول. فيما يلي المبادئ الأساسية التي تعتمد عليها طرق التدريس التي ترتكز على المتعلم:

• احترام التنوع والاختلاف بين الطلاب لتقدير احتياجات الطلاب. 

• إيجاد مساحة للاستقلالية لكل طالب ما يسمح بالمساءلة وتقييم تحمل المسئولية. 

• التقييم المستمر الذي يساعد في إدارة عملية التعلم.

• الملاحظات الشاملة التي تدعم النمو المعرفي للطلاب وتطورهم. 

• تهيئة بيئة شاملة تعزز التعاون بين الطلاب والمعلمين والطلاب فيما بينهم.  

كيفية إنشاء صف دراسي يرتكز على المتعلم 

بالنسبة لبعض المعلمين، قد يبدو التحول إلى التدريس المتمركز على المتعلم أمرًا شاقًا، وبالتأكيد فإنه ليس بمثل بساطة إلقاء الدروس على الطلاب، لكن هذا النوع من التدريس طبيعي أكثر مما تعتقد. يمكنك استخدام هذه الاستراتيجيات لتنفيذ نهج يركز على المتعلم في التعليم. 

1- الاعتماد على الملازم والتعلم النشط

خلال حصة الدراسة النموذجية يعمل الفصل من خلال مزيج من الدروس والأنشطة الجماعية الصغيرة والمهام الفردية التي تركز على إيجاد إجابات للأسئلة في الملازم. يمكنك اعتماد طريقة تدريجية التي يمكنك اعتمادها لتعزيز التعلم من خلال الملازم:

• زود الطلاب بسرد للمسألة أو الحل، وناقشه بإيجاز للتأكد من فهمهم له.

• اشرح المفاهيم المألوفة من حيث تفاصيل المسألة لمنح الطلاب أفكارًا للعصف الذهني.

• قسمهم إلى مجموعات واطلب منهم التنبؤ بإجابات الأسئلة الموجودة على النشرات قبل حسابها.

• امنحهم الوقت للتفكير في إجاباتهم واسألهم عما إذا كانوا يريدون مناقشة أي شيء.

• وأخيرًا، اسمح لهم بتبادل الأفكار حول حلول الملازم وطرح المزيد من الأسئلة للتأكد من فهمهم للمبادئ.

2- استخدم نمط التعلم التعاوني

بدلاً من مجرد طرح الأسئلة على الفصل وقضاء فترات لاحقة من الصمت، يمكن للمعلمين استخدام نموذج التعلم التعاوني، حيث يتم تقسيم الفصل إلى مجموعات من ثلاثة إلى خمسة ويُطلب منهم حل مشكلة. 

إليك خمسة معايير أساسية يجب الاعتماد عليها في التعلم التعاوني:

• الترابط الإيجابي بين أعضاء الفريق، حيث يرتبط نجاح الأفراد بنجاح المجموعة ككل.

• المساءلة الفردية، حيث يتحمل أعضاء الفريق مسؤوليات مختلفة، لكن كل عضو مسؤول عن المهمة بالكامل. 

• التفاعل وجهاً لوجه، بحيث يتمكن الجميع من تبادل الأفكار للوصول إلى فهم أعمق.

• استخدام المهارات الشخصية مثل التواصل والقيادة وحل النزاعات وإدارة الوقت في العمل الجماعي.

• التقييم الذاتي المنتظم لأداء الفريق، وما يجب عليهم تحسينه.

3- إجراء تقييم ذاتي

التقييم في طرق التدريس التي ترتكز على المتعلم ليس بالأمر اليسير. فهو يتجاوز مجرد تقييم الطلاب على أداء الفروض المدرسية، لذلك فإن استخدام طريق التقييم الذاتي يسمح لهم بمراقبة تقدمهم، والتفكير في تعلمهم، وتحمل المسؤولية عن جهودهم.

في نهاية كل درس، يمكنك أن تطلب منهم إنشاء مذكرات تعليمية لتسجيل العمليات والاستراتيجيات المستخدمة في تعلمهم. فيما يلي بعض الأسئلة التي يمكن أن تشمل:

• ما هما أهم نقطتين تعلمتهما اليوم في الدرس؟

• ما هما أكثر نقطتين معقدتين في درس اليوم؟

• أعط أمثلة لسيناريوهات يومية يمكن الإجابة عليها باستخدام المفاهيم التي تعلمتها اليوم (أو هذا الأسبوع).

• ما هي الاستراتيجيات التي ساعدتك على فهم هذا المبدأ؟

• هل هناك أي شيء تريد تجربته أو تنفيذه في الدرس التالي؟

4- توثيق عملية التعلم

لا تنس توثيق عملياتك لتعكس المواد التعليمية وتكرارها وإعادة صياغتها. مع مرور الوقت، سوف تكتشف طرق وعمليات وأنظمة تدريس جديدة لزيادة إنتاجية الطلاب وتحسين قدرتهم على التعلم.

ختامًا..

على الرغم من أن التدريس الذي يرتكز على المتعلم يوفر للطلاب منهجية تعليمية أكثر نضجًا وتحقيقًا لأهداف التعلم، إلا أنه قد يفرض العديد من التحديات على المعلمين. فالتدريس في الفصل الدراسي باستخدام منهج التدريس المرتكز على المتعلم يتطلب المزيد من التخطيط والمرونة، لتلبية أنماط التعلم والاحتياجات المتنوعة للطلاب، ويستلزم التطوير المستمر للأنشطة والمشاريع والمناهج، كما يفرض أيضًا تحديات في إدارة الفصل الدراسي.  

في المقابل ندرك أن طرق التدريس التي ترتكز على المتعلم هي جزء من مستقبل التعليم. ونوقن أن فلسفات التعليم التي كانت سائدة في الماضي لم تعد قادرة على ملاحقة قدرة الأجيال الجديدة على التعلم.