مع ارتفاع التوقعات المنتظر تحقيقها من المعلمين في المدارس حول العالم، تزداد أهمية استقطاب معلمين وقادة أكفّاء في مدارسنا، والذي يعد مسألة حاسمة في نجاح أيّة مدرسة. وبالتزامن مع هذا الاحتياج، يبرز تحدٍ معقد عند محاولة إيجاد مدراء ومدرسين على درجة وافية من الكفاءة والخبرة لتحقيق تعليم أكاديمي ناجح ومتميز يحقق أهداف المجتمع المدرسي. لا يقتصر هذا الوضع على السعودية وحدها، بل يتجلى بدرجات متفاوتة في معظم أرجاء العالم. والسؤال المطروح هو أيمكننا التغلب على هذا التحدي؟ نستكشف معًا في هذا المقال أبعاد أزمة نقص المعلمين الأكفاء وحلولًا من شأنها المساهمة في تعزيز قدرتنا على توظيف أفضل الكفاءات على النحو المنشود في الأدوار القيادية والتعليمية.

ستقرأ في السطور التالية:

  • تعريف بالمشكلة
  • التجليات العالمية لأزمة نقص المعلمين
  • الخطورة الكامنة في نقص المعلمين
  • ما هي الحلول الممكنة لمواجهة صعوبات توظيف المعلمين؟

تعريف بمشكلة نقص الكادر التعليمي

مع زيادة الاحتياج للمعلمين المتفوقين أصحاب الخبرات والمؤهلات العالية، يواجه المتخصصون في مجال التعليم تحديًا كبيرًا لتوظيف مديري المدارس والمعلمين الأكفّاء واستبقائهم لدعم وتحقيق أهداف المؤسسة التعليمية. وبالنسبة لكثير من المدارس يعد هذا التحدي عملية سنوية تخوضها الإدارات باستمرار.

في إطار جهود التعرف على أبعاد هذه المشكلة بتعمق أكبر، تطرح دراسة نوقشت في مؤتمر إمكان للمدارس ٢٠٢٣ عدة أسئلة تدور حول حلول التعيين وتطوير الموارد البشرية في قطاع التعليم. أولها هو لماذا يواجه المعلمون صعوبات في إيجاد وظائف بالمدارس؟ تكشف الدراسة عن عدة أسباب تتفاوت حدتها، حيث أعاد ٦١% منهم المشكلة إلى ضعف أو انخفاض الرواتب، فيما أشار ١٥% منهم إلى صعوبة عملية التقدم للوظائف المتاحة، و١٢% منهم إلى ضعف الخبرة أو الافتقار إليها بالنسبة للخريجين الجدد.

وثانيًا من جهة المدارس، وكان السؤال هو لماذا يصعب على المؤسسات التعليمية العثور على معلمين لتلبية احتياجاتهم التوظيفية؟ وهنا تبرز ثلاثة أسباب على وجه التحديد: إذ أشار ٦١% من المشاركين في الدراسة لعدم وجود متقدمين مؤهلين بالأساس، فيما ذكر ٤٥% منهم مدى صعوبة الوصول إلى المعلمين المتاحين أو الباحثين عن عمل، وأخيرًا نجد نسبة ٣٥% تشير إلى أن العديد من المعلمين المتاحين والممكن الوصول إليهم لا يفضلون العمل في المدارس الخاصة والدولية.

التجليات العالمية لأزمة نقص المعلمين

يشكل نقص المعلمين مشكلة عالمية تتفاوت حدتها من منطقة لأخرى. وفقًا لتقرير صادر عن فريق العمل الخاص المعني بالمعلمين والتابع لمنظمة اليونسكو، تُظهر البيانات أن أفريقيا جنوب الصحراء وحدها تحتاج لتوظيف ١٦.٥ مليون معلم إضافي لتحقيق أهداف التعليم بحلول عام ٢٠٣٠. أما دول جنوب آسيا فما زالت بحاجة لنحو ٧ ملايين معلم في مراحل التعليم المختلفة. يشير التقرير نفسه إلى مقالة نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية، أجرت فيها استطلاعًا لآراء معلمين بريطانيين، والتي تكشف أن ٤٤% من المعلمين في إنجلترا يخططون للاستقالة في السنوات الخمسة المقبلة. وفي استطلاع رأي آخر أجري في ولاية نيو ساوث ويلز الاسترالية، أفاد أكثر من نصف المعلمين المستجيبين بأنهم يخططون لترك مهنتهم خلال السنوات الخمسة المقبلة أيضًا.

أما في السعودية، فتشير التقديرات إلى احتياج يقدر بنحو ٢٥٢ ألف معلم وإداري ومدير في المدارس الحكومية والخاصة بحلول عام ٢٠٣٠ من أجل تلبية الرؤية الاستراتيجية الموضوعة للمنظومة التعليمية في المملكة.

الخطورة الكامنة في نقص المعلمين

تنقسمُ أهمية الالتفات إلى مسألة نقص المعلمين الأكفاء وصعوبة استقطابهم ثم استبقائهم إلى عدة محاور.

  • أولها أن نقص المعلمين يؤثر سلبًا على العملية التعليمية بكل من فيها من طلاب ومعلمين.
  • ثانيًا، يؤدي النقص في المعلمين المؤهلين وقادة المدارس إلى تهديد قدرة الطلاب على التعلّم واكتساب المعرفة، وبالتبعية إضعاف كفاءة العملية التعليمية ككل.
  • ثالثًا، ارتفاع وتيرة مغادرة المدرسين لمهنتهم واستقطاب غيرهم يؤدي إلى استهلاك المزيد من الموارد الاقتصادية والمادية التي يمكن توظيفها في مناحٍ أخرى.

تتنوع أسباب تناقص أعداد المعلمين بشكل عام، يعود بعضها إلى أسباب مادية مثل نقص الحوافز المالية وانخفاض الرواتب مقارنة بالحد الأدنى للأجور، ويتعلق بعضها بظروف العمل مثل الأعباء الثقيلة والمتعددة والتصميم الرديء للفصول الدراسية ونقص الموارد التعليمية، وبالطبع توجد أسباب إدارية مثل القدرة المحدودة على الاستقلال الذاتي واتخاذ القرارات وضعف الدعم الإداري ونقص الإعداد والتهيئة والافتقار لفرص التطور المهني. وتشير بعض المصادر إلى أن الهجرة بحثًا عن فرص أفضل للعمل تعد أيضًا من مصادر تناقص أعداد المعلمين في مناطق عديدة حول العالم.

ما هي الحلول الممكنة لمواجهة صعوبات توظيف المعلمين؟

لضمان جذب مزيدٍ من المرشحين الأكفّاء، يوصي الخبراء بعدة استراتيجيات وإجراءات فعالة من شأنها فتح سبلٍ جديدة لتحسين الوضع القائم ومنها تعزيز الحوار المجتمعي وإشراك المعلمين في صنع القرارات التربوية، مما يسهم في تحسين الوضع والمكانة الاجتماعية لمهنة التدريس. كما تذكر التوصيات ضرورة تحديد رواتب تنافسية للمعلمين، استنادًا على المقارنة برواتب المهن الأخرى التي تتطلب مستويات مماثلة من المؤهلات، والحرص على تقديم حوافز تشجع المعلمين على الاستمرار بمزاولة مهنتهم بناء على الخبرات والمؤهلات.

أما على الجانب التشغيلي، فلا بد من مراعاة بعض العوامل الحاسمة التي تؤثر على كفاءة المدرسة بشكل عام وتزيد من قدرتها على جذب المعلمين والقادة الأكفاء، مثل القيادة القوية والفاعلة لمدير المدرسة، واتصاف مناخ المدرسة وثقافتها بالأمان والإيجابية، والحرص على بناء مهارات وقدرات الموظفين وتطويرها.

ويعد بناء قدرات قسم الموارد البشرية في المدرسة من السبل الفعالة في تحسين هذا الوضع، حيث يمكن أن يتدرب أخصائيو التوظيف في المدرسة على التخطيط الجيد لاستقطاب وتوظيف المعلمين الجدد، وذلك ابتداءً من ابتكار تصميم فعّال لعملية التعيين، وتهيئة منصات الإعلان عن الوظيفة والترويج لها، مرورًا بأفضل الممارسات الفعالة في استقبال الطلبات ومراجعتها وإجراء المقابلات واتخاذ قرارات التعيين وإسناد الوظائف.

كما يمكن لموظفي الموارد البشرية حل مشكلة نقص المعلمين بالالتحاق بدورات متخصصة، مثل الدورة التدريبية المقدمة من أعناب باسم: مهارات توظيف الكادر المدرسي.

مقالات ذات علاقة

دليلك إلى طريقة إدخال الدورات في نظام فارس
سبتمبر 08, 2024 م 02:09 م

شهدت السنوات الأخيرة في المملكة خطوات جادة ومنظمة نحو التحول الرقمي والتوسع في تطبيقات الحكومة الإلكترونية، في إطار رؤية 2030 للمملكة العربية السعودية .

تعليم الرياضيات: سحر الأرقام والألغاز!  
سبتمبر 02, 2024 م 07:44 ص

نتعامل مع الرياضيات منذ اللحظة التي نبدأ فيها بضبط ساعة المنبة اليومي للاستيقاظ صباحًا، وبالتأكيد تظهر الرياضيات في كل جانب من جوانب حياتنا اليومية وت .

8 أسرار لبناء الاحترام في الفصل الدراسي
أغسطس 21, 2024 م 07:30 ص

لا تعني بيئة التعلم المحيط المادي داخل الفصل الدراسي، بل تشمل أيضا المحيط النفسي الذي يشعر فيه الطلاب بالأمان والراحة بما يُمكّنهم من التركيز على تلقي .

دليل المعلم لتهيئة الطلاب: 10 أنشطة لكسر الجليد
أغسطس 19, 2024 م 07:30 ص

تعتبر الأيام الأولى من المدرسة فترة حساسة لكل من الطلاب (الجدد أو الحاليين) وكذلك المعلمين. إنه الوقت الذي يقوم فيه المعلمون بإعداد خطط الفصول الدراسي .