أصبحت التربية الجنسية في عالمنا المعاصر ضرورة لابد منها. ورغم ذلك، ما يزال الجنس أحد المواضيع الشائكة لدى التربويين، وكثيرًا ما يصاب الوالدان أو المعلمون والمعلمات بالحيرة إزاء أسئلة أطفالهم وتلاميذهم المتعلقة بالجنس، وإزاء التصرف الصحيح في المواقف الحرجة مثل وقائع الاعتداء على الأطفال أو التحرش بهم.
التربية الجنسية بين المتصور والواقع
قد يتصور البعض أن مواضيع التربية الجنسية أمور لا تناسب مرحلة الطفولة المبكرة، وقد يتساءل آخرون: كيف يمكننا التحدث لطفل في السادسة من عمره عن مثل هذه المسائل. لكن علينا التذكر أن الانفتاح التكنولوجي والمعرفي اليوم يجعل الأطفال أكثر عرضة للانحراف أو الأذى من أي وقتٍ آخر، ومن واجب المربين توفير مساحة آمنة للأطفال لطرح أسئلتهم عن كل ما يسمعونه ويرونه أو يخطر على أذهانهم، وأن يبادروا في مناقشة هذه الأمور ليُشعروا الأطفال بالأمان عند الحديث عنها. وإن لم يحدث ذلك، فسيجدُ الأطفال مصادر بديلة للمعلومات والإجابات التي يسعون إليها، ولن نعرف حينها ماذا يكون أو من يكون هذا البديل.
عالميًا، تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو ٢٠% من النساء و٥ -١٠% من الرجال يتعرضون للأذى الجنسي في طفولتهم. أما الدراسات التي أجريت على المجتمع السعودي فتنطوي -رغم قلتها- على دلالات منذرة بالخطر، مثل تعرض ١ من كل ٤ أطفال سعوديين للتحرش الجنسي، وأن ٤٩.٢٣% من الأطفال ممن تعرضوا للأذى الجنسي كانوا بعمر أقل من ١٤ عامًا حينها. وفي واقع الأمر، الحساسية والحرج المفرط في التعامل مع ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال هو من أسباب تفاقم المشكلة، لأنها تؤدي لغياب الوعي لدى الأطفال، والذي من شأنه حمايتهم في المقام الأول.
أهمية التربية الجنسية للأطفال
تتجلى أهمية التربية الجنسية عندما نضع المعطيات السابقة في عين الاعتبار. والمقصود بها هو العملية التربوية المستمرة بداية من ولادة الطفل أو الطفلة إلى ما بعد البلوغ، وذلك بهدف تزويد الأطفال بالتوجيهات والمعلومات العلمية والصحية السليمة الملائمة لقدراتهم ومراحل نموهم، وحمايتهم في ظل معطيات واقعنا المعاصر. ويعد ذلك أحد استراتيجيات التدخل المبكر لحل مشاكل العنف والأذى الجنسي. إن الإلمام السليم بمحاور التربية الجنسية وقضاياها لهو بكل تأكيد أداة فعالة في يد كل تربوي للمساهمة في مكافحة هذه المشكلة.
التوعية بالتربية الجنسية وحلولها
نؤمن في أعناب بأهمية التوعية بمواضيع التربية الجنسية للحد من آثار التبعات الاجتماعية الناتجة عن نقصها أو ضعفها، والتي تشغل بال الكثيرين، لا في السعودية وحدها، بل في جميع أنحاء العالم. لهذا السبب يضم فريق مدربي أعناب الدكتورة أمل بنونة، الحاصلة على دكتوراة فلسفة التربية في تخصص التربية الجنسية لمرحلة الطفولة المبكرة عن أطروحتها التي تتناول موضوع التربية الجنسية وكيفية تنفيذها في المملكة العربية السعودية. وتؤكد د. بنونة على أهمية مناقشة التربية الجنسية بمهنية منعًا للاجتهادات، خاصة مع الحساسية المحيطة بموضوع تعرض الأطفال للأذى الجنسي وما يمثله من تحدٍ للمعايير الأخلاقية أو التقاليد الراسخة، لكنه يؤثر تأثيرًا مباشرًا على أمْنِ الأطفال وخصوصية الأسرة السعودية وسلامتها.
ومن خبراتها العملية كمستشارة مهنية في الحماية من الإيذاء، وكمدربة مدربين ومستشارة مهنية في تقديم وتقييم مناهج التربية الجنسية للأطفال واليافعين، توضح لنا د. بنونة أن الغاية المنشودة من التربية الجنسية هي تصحيح مفهوم الوعي الجنسي وتعزيز الهوية الجنسية لدى الأطفال، ويبدأ ذلك بتوعية المربين وأصحاب القرار بأهمية التربية الجنسية ومحاورها المختلفة لكل مرحلة من مراحل الطفولة. ومن خلال هذه المناهج يتمكن المربون من متابعة النمو الجنسي لدى الأطفال وتهذيب سلوكهم وحمايتهم من الجهل الذي يعرضهم للإيذاء والاستغلال أو الأفكار المنحرفة. وفي مواجهة هذه الإشكالية، نقدم في منصة أعناب دورة تطوير ذاتي مهني موجهة للتربويين من أولياء أمور ومعلمين، والتي تطرحُ عددًا من الحلول الوافية، شاملةً المعارف والمعلومات الصحيحة المناسب لعمر الطفل، وتوجيهات وتدريبات عملية حول تنمية المهارات الشخصية اللازمة للحماية من الإيذاء وكيفية ربطها بالمواقف الحياتية اليومية، بحيث يمكن تعميمها في المواقف الحرجة التي قد يتعرض لها الأطفال.
للالتحاق بدورة التربية الجنسية وحماية الأطفال في العالم المعاصر، ولمعرفة جميع تفاصيلها، تفضلوا بزيارة صفحة الدورة على منصة أعناب من خلال هذا الرابط.
المصادر:
- Child Sexual Abuse in Saudi Arabia (The Taboo)